السرد القصصي

 

كُلّماغاب عنها..
توارت عنه حتى لاتكون ثقيلة عليه.
تحترمُ كُلّ قراراته.
 حتى في الجفاء!
 لكنه كُلّماأثخنها غيابًا..
عادت طفلة تبحث عن ظله!




كان كالطرق المعبدة للعابرين؛سلسًا سهلًا.
يرقبها من بعيد، وينتظر منها أوّل الخطوات.
لم تكن تعلم أنَّ هواها الذي نبت سرًا في قلبه، سيجر عليها كلّ هذه الأوجاع المزمنة التي ستجعلها على قيد الوفاة بقيّة عمرها.

استعارت ذاكرتها القديمة.
استعادت وجوههم واحدًا واحدًا.
ملأت بهم المقاعد الفارغة أمامها،وأخذت تحدثهم.
تعالت أصواتهم وهم يضحكون..يختلفون..يقاطع بعضهم بعضا.

شاركتهم الحديث؛ فأنصتوالها.

أخبرتهم أنها أنهت كلامها ، لكنهم ظلوا صامتين!
حثتهم على الحديث، لكنهم ظلوا ساكتين.
أفاقت على حقيقة غيابهم الأبدي.
إلا أنها عادت؛ لتستعير ذاكرتها القديمة، وتستعيد وجوههم واحدًا واحدًا، وتملأ بهم المقاعدالفارغة أمامها؛ لتحدثهم من جديد.





نرجسيّة
بِنُخْبَويّة تامة.
وبغطرسةٍ لامتناهية.
يختارُ أصدقاءَه.
حَشَرَنِي معهم.
هو: لاينسى  في كلّ مرة أنْ يضعَ سبابتَهُ بين عينيّ، ليذكرَني بذوقِهِ الاص


مراوغة
كان حذرًا بما يكفي ليدّعيَّ بأنّهُ رجلٌ يحملُ ذاكرةً مثقوبةً.

حتى لايتورطَ معها بتواريخٍ، تُحيلُ التفاصيلَ إلى مناسباتٍ تستحقُ الاحتفاءَ.


كان حذرًا لا يُثقلُ كلماتَهُ معها بالمعاني التي تُشرّعُ أبوابَ الافتتانِ به.


هو: كلُّ مايمكنُ أنْ يكونَ جميلًافي حياةٍ جدباء.


هي: مدينةٌ جدباءٌ، يُغْرقُها المطر!



دنجوان
كان يعرفُ جيّدًا ماذا يعني أنْ يبدأَ الصباحُ بامرأةٍ لرّجلٍ مِثلهِ
وهو الذي قد جزمَ بأّنهُ لا يصلحُ زوجًا رُغْمَ دنجوانيتِه.
كان قلبُهُ مرتعًا خَصْبًا لقلوبِ العذارى.
هو: لايعدُهُنَّ
لكنهُ لا يَصُدَهُنَّ
المهم: أنّه لايجيرُ أحدًا
وكُلّهُنَّ يأتينَهُ طواعيةً.
هكذا كان يبتاعُ راحةَ ضميرهِ..
غيرَ عابئٍ بقلوبهِن التي ترتطمُ بشبابيِكِ قلبهِ الزّجاجي.




حبّ
كُنّا صغارًا عندما حذرونَا منه.
شَكُّوا.
فتّشوا.
استرقوا السمعَ.
وعندما كَبُرْنا:
تعرّفَ هو علينا.
تركَ كُلَّ شيءٍ.
واختبأَ في قلوبنا.


تَشَبُّثْ
عالقةٌ في داخلِها.
عبَرها الكثيرُ مِمّنْ أحبُوها ولم تُحبُهُم.
وعندما أحبتْ, عبرها مَنْ تُحِبُّ, مخلفًا وراءِهِ
امرأةٍ لاتجيدُ أنْ تكونَ شيئًا بدونه!
كلُّ البداياتِ المدهشةِ
والتجاربِ اللذيذةِ
عاشتْها معه!
مَعَهُ خَطّتْ أوّلَ بواكيرِ كلّ شيء
ذهبَ هو..
وبقيتْ هي عالقةً داخلَها!




دهْسة
كلامه لوحة فنية جميلة, يؤطرها بعذوبة صوته, وتمثيله للمعنى دون تكلّف.
يندهش, فيدهشني.
يسخرُ فلا أملك إلا الضحك المتواصل معه.
كان عالمـًا, يستحق الاكتشاف.
اكتشفته!
فتحولت الدهشة إلى دهسة!





ذاكرة  الآباء ..ذاكرة خضراء
يستلّهم من الذاكرة بصمت.
يرتشف ملامحهم بسكينة وهدوء.
لا ينفخ جمر الأسئلة, أو حتى يشعل جذوتها.
كان يكتفي بأن يعيشهم من إبصار الشمس حتى المساء.
 بينما همّ مشغولون بالحياة عنه.
  

شُهرة

ينتحلُ شخصيات من الوهم.
 يصنع بها لنفسه مجدًا.
يسرق كتاباته باسم.
 ويدخل باسم آخر؛ ليدافع عنها!



تضخّم




كان حادًا صارمًا حتى ظَلم, وظُلِم

ناصر قضيته بمفرده, فانتصر, وحاز مجدًا
لم يدرك أن (الأنا) عنده كانت تتضخم بمرور الوقت, حتى ضاقت به, وبها الأمكنة, فلفظتهما معًا.



لصوص نت
يسرق أفكار المغمورين فور خروجها.
يجربها باسمه في مكان آخر.
 ليوهم الآخرين بأنّه صاحب فكر خلّاق.



غضب الرجال
بعدأن علم بخيانة صديقه الذي جعله ساعده الأيمن, رفع عليه سماعة الهاتف :
-فضلا أحمل كل مايخصك وارحل, لا أريد أن أراك بعد اليوم في مكتبي.
توجه صديقه لجهاز الحاسب الذي عليه قاعدة بيانات العمل.
 أخذ نسخة ورقية, ثم حذف كلّ ماعلى الجهاز ورحل!
عاد من عمله ليتحدث عن القصة كأمر مسلم به..
 أمسك بالريموت فتح على قناة العربية, وأخذ يتابع مصائب العالم بصمت!
غضب الرجال عظيم في مداواته!!



سيرة
أرادتْ أن تؤثثَ لنفسها سيرة ملفقة لاتشبهها!
جربتْ أن تُرتلَ على مسمع صديقتها الوحيدة بعض زيفها؛ لتقنعها به!
لكنها تتفاجأ في كلّ مرة أنها لا تقتنع!
 وأن ذاكرتها مازالت تعرفها جيّدا.
وحدها كانت تعرف زيفها.
تعرف إرثها الضعيف!
ولأنّه لم يصحبها من ذلك الماضي أحدٌ سواها
 كانت أوّل من يستحق أن يُضحى به!


تسوّل
كتب حرفين!
 امتدحه كاتبان بعد أن  تسولهما الثناء.
اشرأبّ..
تعاظم...
أصبح يراهم من أعلى قمة جبله, أقزامًا تزدريهم عينه!

  


صبر


كمروّضة أسود صبورة تقفُ بينها, وبين جزعها.

روحها المُتوجِّعة في رسن الأقدار, تتحاشى أن تنسلّ الألآم  إلى صباحاتها.


تقفُ كمترهبنة, متمرّنة، ترتدي رباطة الجأش, رغم الدّرب الحصوي, الذي يفقدها توازنها.
كانت تعرف جيّدا أين تذهب الأحلام الصغيرة لتموت.


 لذا حرصت أن تظل كمروضة الأسود حتى لاتفقد صغار أحلامها.





تذكرين؟
كنا صغارا عندما حذرونا منه.
شكوا.. فتشوا.. استرقوا السمع
عندما كبرنا:
تعرف هو علينا
ترك كلّ شيء واختبأ في قلوبنا





دنجوان
كان يعرف جيّدًا ماذا يعني أن يبدأ الصباح بامرأة لرجل مثلوهوالذي قدجزم مسبقابأّنه
 لايصلح زوجًاعلى الرّغم من كل مايمتلك من مقومات كفيلة بأن تجعل منه دنجوان عصره
كان قلبه مرتعًا خصبًالقلوب العذارى..
هو لايعدهن لكنه لا يصدهن
المهم أنّه لايجير أحدًا
وكُلّهن يأتينه طواعية.

هكذا كان يشري راحة ضميره, غير عابئ بقلوبهن التي ترتطم بشبابيك قلبه الزّجاجي.



ينتحل شخصيات من الوهم,يصنع بها لنفسه مجدًا.


يسرق كتاباته باسم, ويدخل باسم آخر يدافع عنها!


الأنا
كان حادًا صارمًا حتى ظَلم, وظُلِم.
ناصر قضيته بمفرده, فانتصر, وحاز مجدًا.
.لم يدرك أن (الأنا) عنده كانت تتضخم بمرور الوقت, حتى ضاقت به, وبها الأمكنة, فلفظتهما معًا.



استفزاز
كانت نسمة هادئة. بيضاء من الداخل. إلى أن جاء من يسكب في جوفها ضجيجُ الاستفزاز فاغتال لباقتها.



مثالية
لايأتي إلا متأخرا.. بعد أن تبهت اللحظات؛ مما يضطره ألا يجيء أحيانا!
أثقل كاهله بحمل صخور الكمال، فقطعوا من بعده أشواطاً وظلّ هو ُمتسمّرًا في مكانه.. غريبًا بين الأشباه!

فيض
كُلّما ازدادتْ عقارب الوقت تخمة؛ تمددت روحه بحثًا عن أفق أرحب لتفيضَ على الورق!

احتراف
كان ماهرًا في تدليس التاريخ!
يستنكر مع المستنكرين وبصوتٍ عالٍ : من زوّر التاريخ ؟!!
يعرف جيّدا أن هناك من  يقدّس التاريخ ككتاب سماوي ؛ لذا بدأ يكتب لنفسه التّاريخ الذي يريد!
عَابِرات
جعل من قلبه كتابًا مفتوحًا؛ تُوقّع عليه العابرات..
عبرن!
ولكن ببياض..
 وجعلنه  يقاسي السواد وحده!!

ظلٌ مكسور
مازالت تلملم شعث ظلها المتشظي، وهي تتوجع من فقده!


عفونة
طفح الكيل!.. فضاعت رائحة عفن النوايا ولوّنت كلّ شيء بالسواد!




غَيرَة
لايمكن للغيظ أن يتخطى قلبها الموسوم بالسواد؛ دون أن تُفجِّر إحدى عباراتها غير المحسوبة.
ظلّت على هذه الحال أعوامًا ،إلى أن ماتتْ بغيظها!!

جُبن

كانت كلماته تتدلى في الفراغ ؛ يتسرب من بين مسامها شعور دائم بالغضب، سرعان ما يبتلعه في حضورهم!

غواية
على الرّغم من التّحفظ الشديد الذي عُرف عن أسرتها، و الثقة العمياء التي منحها إياها والدها؛ إلا إنّها كانتْ تجعل من الفعاليات الثقافية وطناً تمارس فيه تحررها المغلّف.





 تفاصيلٌ صغيرة

اختاره،وجعله ساعده الأيمن ؛ لأنّه يعرف جيّدا أنّه صاحب فكر خلاق رغم صغر سنه.
 استغل إبداعه حتى الرمق الأخير، وبعد أنْ امتص كلّ جهده الذي رفع من شأن تلك المؤسسة، أوسع سيرته ضربا في  غيابه حتى بهتت !



خيوطُ الأمنيات
نسجتْ خيوطَ الأمنياتِ قبل أنْ تنام؛ ثُمَّ أرسلتها إلى السماء، وعند بزوغ الفجر؛ رأتها يقينا متجسدا؛ فخرّتْ ساجدة لله!

مساحة

عاشتْ عمرًا؛ بين ضجيج الهموم،وهدوء الأحزان؛تحيكُ للأمنياتِ أثوابًا .
رصفتْ طموحاتها، وأحلامها..أتقنت حياكتَها ولكن بعد فرار الزمن!



 بكاء الوجع
كلما اشتّد به الحزن، تعمّد أن يقهقه حتى تدمع عيناه. يشعر أنّه قد نفّس عن حزنه بطريقة رجوليّة!
عندما توفيت والدته؛ خذلته رباطة الجأش..
خذله البكاء الأنيق.. فانفجر بين كفيه كطفل انشطر قلبه!



قلبٌ مستهلك
استهلكتْ قلبها؛بعد أنْ شرّعت أبوابه للعابرين.
راج صيته..
 فلمّا نضجتْ؛ لمْ تجد من يشتريه بأبخس ثمن!




أحاديث الصمت
ازدحم بالمشاعر؛فأغلق فمه!
 من يومها  ذاب قلمه وأصبح يجيد الثرثرة على الورق.



للكلماتِ أرواح

كان بجوار بائع الكتب في ذلك المعرض الدولي، عندماكانت الجموع تتوافد مصافحة البائع لاهجة بجملة واحدة :
 من فضلك كتاب  ( للكلمات أرواح) .
أدرك وهم يعبرونه بصمت؛ أن أرواح كتبه قد سكنتهم فور انتزاعه لها من جوفه.
تنفس الرضا مبتسمًا، وغادر المكان في غبطة.




ضياع

كانتْ المرة العاشرة التي تشاهد فيها (فلم) الضياع!
لم تدرك، أنّها كانتْ تعيش المشهد كلّ يوم؛ لذا كانت تتوقف عنده كلّ مرة.




خيال

عندما أخبرتْهم في أمسيتها الأولى أنّ شخصيات قصتها خرجوا من الورق؛ وكتبوا النّهاية؛ لم يصدقوها!
 لم تدرك يومها أنّ استضافتها،كانت مجرد عُرف أدبي، يجهل من يديره المعنى الحقيقي للأدب.

للنص قصد يحميه
عندما كتبتْ عن الحب، خلعتها القبيلة من جلبابها؛ وتبرأتْ منها بتهمة الخيانة!
لم تستطع عقولهم المتحجرة أنْ تؤمن بأنّ أعذب الأدب أكذبه!



التّمثال
عاد إليها؛ بعد أن ذوى عودها، تحت  قسوة سوط غيابه.
عندما رأته: لم تتذكر؛ إلا ذلك التّمثال الذي كان يشمئز من شوقها الصباحي؛ متباهيًا أمامها بعقله الذي غلب عاطفتها والذي عوّدها أنْ تتقبل منه كلّ انشغال عنها!
كان يتسوّل الحبّ في وسط مشاغله المزعومة، وفي كلّ مغامرة من مغامراته؛ عندما تلفظه العابرات من حياتهن- يكتشف أنّها الأنثى الوحيدة التي أحبته بصدق فيعود إليها مكسورًا ذليلا حتى كرهته، وأصبحت كغيرها من العابرات!

انسلاخ
بدأتَ تخشى انسلاخي عنك؟!!
عندما كنت أتبعك كظلك، ألم تحدثك نفسك بركلي؟
صرتَ حنونًا على غير العادة!!
ما الذي تغير؟
أنا أخبرك:
اكتشفت أنّ الحياة لاتكفي لإشعال شموع في مهب ريحك!
وهذا الاكتشاف؛ يهدد بقاءك في داخلي. أليس كذلك؟!
صدقني! لازلتُ مصرة على أن أرحل عن عالمك الذي أدمى قلبي.
قالتها بعد أن أجهشت بالبكاء، أمام المرآة.
.. ظنتْ أنّ المرآة تمنحها القوة، في مواجهته.. لكنّها خذلتها!.. نعم خذلتها حينما عرّت لها ضعفها الذي رأته لأول مرة!




خيبة

في ذلك المقهى الرّمادي البائس؛الذي اعتادته محفظتها . تسمّرتْ عيناها على مقولة عُلّقت أمام طاولتها: (مَن قال: إنّ الخيبات تُميتنا، نحنُ نولد من جديد بعد كُلّ خيبة(..
ترقرقتْ عيناها، فابتسمت، وهي تتلفت نحو رواد المقهى الذي يعج برائحة الغربة، ثُـمّ أجهشت بالبكاء؛ وهي تٌكفِّن صدرها بمعطفها وتقول بصوت مهموس: لكنني ميتة... ميتة!!



ميلاد الألم
ابتاع نبتة (اللاكي بامبو)أو(بامبو الحظ)كما يحلو لذلك المزارع العربي تسميتها...ثلاثة سيقان خضراء منفصلة ..ملفوف آخرها ..يجمعها  إناء زجاجي به ماء أقل من ربعه.
 ظل ذلك المزارع  يحدثه عن أسطورة الحظ التي نُسجت حول هذه النبتة، ويسرد له من نسج الخيال مايعزز تلك الأسطورة.ويحذره أن يخطئ ويأتي بأعداد زوجية، فالحظ معها لايأتي إلا إذا كانت الأعداد فردية.
كانت ملامحه كفيلة بأن تشي بحاجته الماسة لمثل هذه المعجزات التي تتلى على مسامعه .
وضعها أمامه :
هـأنذا !
مثلك تمامًا إلا أنّكِ أفضل حظاً مني!
إنني أسكنُ مغارة صماء تُغلفني.. كأنما زُجّ بي في داخلها كبرعم نما، واشتد سوقه؛ ليبقَى فيها وحيدًا يكرّر نفسَه كلّ يوم.
غربتْ شمسي، وتركتْني أنا وظلي العابس، يتبعني أينما رحلت..ستكونين بديلة عنه!
شعربلياقة نفسية بعد هذه الثرثرة.
ياالله!
أين كانت هذه الفكرة عني؟
نبتة لاتحتاج إلا للماء والضوء وهذه تكلفة يسيرة.. حسنا سنكون أصدقاء أيتها الغريبة، في جعبتي كثير فانتظريني غدا.
جاء الغد..فإذ بأحد سيقانها قد انحنى!
عندما رآها تذكر لحظة ميلاد الألم..
..تذكر عندما تكوّم منحنيا يعيد قلبه إلى مكانه... تذكرهروبه إلى هنا .
هرب متهما نفسه بجلب الحظ السيىء لجالبة الحظ!
رحل.. دون أن يعلم بأن ذلك المزارع نسي أن يغير لها الماءويزيده  قبل أن يقنعه بشرائها.



الفشلٌ قبل التجربة الأولى

كان يحلم بأنْ يتمكن من أدوات النقد، الذي وجد نفسه مفطورًا عليه .
حضر لأكبر النقاد ندوته الشهيرة عن النقد.
فور دخوله؛ كان قد استفتح ذلك الناقد الندوة  بقوله:
ليس من يحلل ناقد.. ليس من يستنطق الجماليات في النص ناقد.. ليس... ليس...
عاد إلى منزله، ومزق كلّ ورقة ظنها نقدًا.
من لم يحضر تلك الندوة ظل ناقدًا على أنّه حلل واستنطق الجماليات في النصوص!!
  



رجــــل
قرأتُ هذا المساء مقولةً ذكرتني بك:


"الّرجل الحقيقيّ هو الذي يجعلُ منْ طيفه رجلاً؛ حين يغادر جسده؛يقوم طيفهُ بمهامه على أكمل وجه"

لا أدري لماذا شعرت بأنّ هذه العبارة لم تُكتبْ إلا عنك!
سنواتٌ مضت وأنت الحاضر رغم الغياب..سنوات مضت وأنا لم أشْرِع أبوابَ قلبي لسواك.
 بقيتَ، وتلاشى كلّ مَن عداك.
..أما أنت..فاخترت أن تعيش حياتك التي تحب بعيدا عني،وكأنني ماكنت يوما ما في حياتك .هل كنت سيئة إلى الحد الذي يجعلك تختار الرحيل بلارجعة؟
أين كلماتك التي جعلت مني ملكة؟.. هل كانت هي الأخرى هراء؟
لم أكن أصدق نور التي كانت تكرر على مسمعي ليل نهار: انتبهي! الرجال خونة! حب التغيير يجري في دمائهم مهماكنتِ الأميرة الأثيرة، لاتعطي الرجل كل شيء حتى لايسلبك كل شيء، وينتهي بك الزمن كسيرة على جرف الذكريات التعيسة!
صدقت هي، وكذبت ظنوني!
مهزومة أنا في البعد، وعلى الرغم منها سأعترف بأنك كنت رجلا حتى في رحيلك!


انتحار
أحلامي المُعَتقّةُ،وَطُموحاتي؛ كُلّها مساحات ماخُلِقتْ لي!!
كنتُ أتحايَل فيها على اليّأس لا أكثر!
تجزأتُ جزئين؛ جزءٌ ماعدت أملكه، وجزء شربتُ المُرّ حتى استعدتُه.
تلوّنتُ بِما يكفي؛لأخفيّ بعضَ أوجَاعِي عن النّاس.
المُبَالَغَةْ فِي أحلامي؛ جعلتني أَرْمِي بِي بينَ دهالِيّزٍ تسكُنُها جَمَاجِمَ الخواء.
مَللتُ التفاؤلَ المكذوب.
أتُوقُ إلى  أن أنفُضَ عني غُبار الأمَاني الباهتة، وأحفر لرفاتِ أحلامي في جوفِي مقابِرَ مُذهبة. 


أريدُ أنْ أمنحَ ذاكرتي أزمنة أخرى، وأمكنة أخرى؛ لأرتاح.

قالت جملتها الأخيرة.. ثم نامت نومتها الأخيرة!



روحٌ زجاجيّة
هي: زُجَاجيّة الرُّوحُ .
 يرَاها الآخَرون بوضُوح ٍكُلّما خشيتْ فقده.
 كلما لوّح لها بالرّحيل شحَذت رُوحَها ببقايا توَسُلاتٍ مُوهَنةَ.
لاتفقَهُ معه ُإلا توَسلاتِ البقاءِ ،وفي ذاكرتها ظِلهُ السائرُ معَها باقي العُمر فيْ طريقٍ طويل ٍمهجور كفستانِ عانسٍ.
كلما لوح لها بالرحيل؛ تلاعب بها الجزعُ بينَ مدِّ وَجَزر.ٍ
وانسَدل غيَابهُ في ذاكرتِها مَبْتُورا، يَحمِلُ لَونَ الفقدِ.. ورائحة الفقد.. ونكهة الفقد..
بِضْع مخاوفٍ، كانت كافِيَة؛ لتجرِيَ باقي العُمر حافِيَة القلب..


تقتلها الظّنونُ، فيُخَيّلُ إليّها وكأنّهُ أعدّ لكلِّ شئ ٍنهايتَه، حتى انتهى بها الأمر إلى مصحة نفسيّة! 




منفى!

"نُفيتُ واستوطن الأغراب في وطني
.......ودمروا كلّ أشيائي الحبيبات"
تسمّرت عيناها، وكأنها تقرأها لأوّل مرة!..على أنّها كانتْ تتغنى بها صبح مساء دون أن تكترث لمعناها!.. كان ذلك قبل أن يُغلّف الحزن قلبها المكسور.
ليس هناك ماهو أشد على الأنثى؛ من أن يلفظها رجل من حياته، لأجل امرأة أخرى.
-    ستنسين!
 المسألة مسألة وقت يابُنيّتي..
 صدقيني ستنسين! قالتها أمها بنبرة هذبها التأمل والحزن..
الحقيقة أنها لم تنسَ!
لكنها قررتْ أنْ تعيش بلا رجل، حتى وإن أظلها بظله!



أَحْياء
قال لها قبل أن تغادره إلى غير رجعة:اكتشفت أن أصدقائي الموتى أكثر من الأحياء!
كثيرًا ماصمتُ عن الطعام، والشراب؛ لأقضي ليلة، أو تزيد مع أحدهم.
رحلتْ دون عنوان؛ ظنًا منها أنّ حظها العاثر؛ رمى بها في  طريق أحد المأفونين.
بعد سنوات؛ رأتْ صوره تحتل كبريات الصحف؛ في مصاف كبار الكُتّاب.


كرامــة
بعد الوجع بقليل قررت أن تتجلد؛ فالوحدة -في نظرها- أقسى من الجرح!
 وبعد الوجع بكثير؛قررتْ أنْ تعيش الوحدة مع بضع كرامة!



لها وقبلها لهن
لكِ وحدكِ!
كان هذا العنوان؛ هو عنوان الرسالة التي أيقظت صوت شباكها ذلك الصباح الربيعي.
لم تمهلها الصدمة يوماً آخر؛ تشعرفيه بنشوة الزهو.. فقبل شباكها؛ رمي بالرسالة نفسها إلى شبابيك بنات الحي.

انكسار
لم تنكسر بعدرحيله!
تعجب الجميع؛ بل وشككوا في أنّها كانت تحبه.
لم يعلموا، أنّها ظلّت تسقي بذور الأمل في عودته رغم المحال، وأنّها مازالتْ تتنفسه كلّ يوم، مع أدق تفاصيل حياتها؛ حتى صار حاضرًا تعيشه رغم الغياب.
رماديّة
كان اللّون الرَّمادي قد استوطن حياتها منذ أربع سنوات؛ دون أن يعلم أحد غيره؛ فما كان مِنهُ إلا أنْ جعله لونًا للغيمِ، وظل هو المطر!!



نزاهة
جاب الأقطار؛ لنشر تعاليم النزاهة التي لازمت اسمه كبراءة اختراع.
في عاشر أمسيّة له؛ضج المكان بصوت أحد طلابه  المغمورين الذين اغتصب قصائدهم ونسبها له.
"..وعن عيونٍ من الأعماق ترقبني"
خلعت عليه أوصاف الجمال، وأسكنته قلبها رغم دمامته!
لم تسمح لتندر صويحباتها بأن يهدّ مستعمرات الحبّ التي شيّدتها له في قلبها.
 اقتربت من روحه كثيرًا؛ حتى صغر كلّ ماعداها..رأته بعين الروح لذا هو جدير بهذه الأوصاف التي تنعته بها ولايراها أحد غيرها!
نصيب
دعت الله طويلاً أن يكون نصيبها!
 بعد عقد قرانهما بساعة؛ لبست لأجله الحداد!
حصـــار
منذ أنْ استيقظتُ؛ وأنا أهرب منك إليك، ولا أجدني !
كلُّّ شيء مسكون بك يطاردني، بل ويحاصرني!


أكاد اختنق بك!

ابتسم؛ وأدار لها ظهره كالعادة.. مضى، وبقيت هي ترتبُ أولوياتها بعد قرار تنحيته عن حياتها.


انتهت !!

وقبل أنْ تتنفس الرّضا؛ اكتشفتْ أنّ كلَّ الطُّرق، كانت تؤدي إليه!! 



جزء من القلب مفقود

ينشغل..
 يتشاغل..
.. ينكفيء على نفسه مطالبا بحقه فيها.
هو بين هذه الثلاثة مرهون!
.. وهي بين هذه الثلاثة تقضم كلّ يوم جزء من قلبها! 




أبواب
ظلّت الليل بطوله؛ تنصبُ  المرايا المموهة؛ لاصطياد طيفه الذي غيّبت ملامحه السنين.
بحثتْ عنهُ في ليلةِ دفءٍ، وفتحتْ له أبوابَ الرُّوح؛ ليلجْ .
جاء..
ولكن؛ ليركُل قلبها بمجيئه،  ويتلاشى من جديد!
من يومها؛ غلّقت أبواب قلبها، ولم تقلْ لحبه : هيت لك!!




سكن
حسناء في أواخر الثلاثين من عمرها.. جميلة.. أنيقة..تبدو أصغر من عمرها الحقيقي بكثير.
كانت تردد هذه العبارة عند كلّ مناسبة:
"كلُّ عامٍ وسكان قلبي بخير"
تهمسها بحب؛ مغمضة العينين؛ واضعة يدها على قلبها.
كنا نضحك على هذا الجنون الذي ترتكبه أمامنا، وترفض أن تخبرنا بسر صاحبه العظيم!!
علمتُ من بعض الزميلات في المكتب، أنّها لم ترزق بأطفال. كانتْ تُجهض فور معرفتها بأمر حملها؛ حتى دارتْ الأقاويل: مسحورة... بها جنيّ عاشق؛ يمنعها من أن تنجب.
ولأنها كانت تحب زوجها جدًا، وتغار عليه جدًاجدًا؛ زوجته بغيرها،مقابل ورقة طلاقها؛ التي منحها إياها على وجع.
في الخامس والعشرين من شهر رجب المنصرم؛ جاءت؛ ومعها كعكة مغروس في جوفها  عشر شمعات صغيرة .
طلبت منّا، أنْ نحتفل معها بإكمال طفلها الأوّل عامه العاشر.
فقدته وهو علقة، وظلت تحتفل بمولده كلّ عام..هكذا أخبرتنا يومها.



الغـر يب
كان رجلا غريبا!
هكذا بدا لي عندما رأيته لأوّل مرة، وهو يواجه مخالفيه في جلسات السمر، التي اعتدت أن أنتظم فيها؛ لأبدد بعض اغترابي، بعد انتقال عملي إلى تلك المدينة.
حواجبه المعقودة، ووجههُ المكفهرّ دائمًا؛ تجعلك تظن أنّه نبت من بذور القسوة لاسواها.
لايمكن أن يوافقك الرأي في شيء؛ له رأي في كلّ رأي!
كان صعبِاً.. غامضًا.. لايمكنك أنْ تتوقع أي ردة فعل منه.
في الوقت الذي تظن أنك فهمته؛ تكتشف أنّك ابتعدت عنه كثيرًا!
ينطوي وقتما يشاء، ويفرد أساريره على غير المتوقع.
مؤخرًا عرفت من بعض المقربين منه أنّه كان يكره النساء!
بل ويشك في كلّ عواطف الإناث تجاهه؛ لأنّه ببساطة يرى أنّه ليس وسيما، ولا إرث لديه؛لذا بلغ الخمسين ولم يتزوج.
ذات صباح؛ استيقظ سكان العمارة التي يسكنها؛ على صوت سيارة الإسعاف؛ التي أقلته بعد وفاته بأربعة أيام.
كانت المرة الأولى التي نرى فيها شقته من الداخل؛ عدة أوراق مشطورة، وصورة لامرأة واحدة، ورسائل تقطرُ عذوبة؛كُتبتْ بأسلوب أدبي فريد؛ علمتُ فيما بعد أن أحد المغمورين أشهرها باسمه !!
أطلال
ظلّ يجوبُ تلك الطرقات الأفعوانية المؤدية إلى حيهم؛على
الرّغم من أنّهم رحلوا  بأطلالهم؛ بعد أن ثُمّن بيتهم، وأصبح مستوصفا حكوميّا في ذلك الحي القديم.
كثيرًا ماكان يقف أمام المكان؛ منتصب القامة؛ يستحضر ذكرياته؛ التي تسرّبت من شق الزمن .
ظلّ، والحالة تلك، سنوات يستشعر معها دبيب حديثها في روحه ويصدقه.
ذات صباح؛ وجدوه مُتكوّمًا على نفسه، بجوار المستوصف وقد فارق الحياة.
ظنوا أنّه كان يعاني مرضا دعاه للمجئ إلى هنا، وحمّلوا  وزارة الصحة مسؤولية عدم مناوبة مستوصفات الحي ليلا لهؤلاء الذين يمتطون أقدامهم .
وهم يُحضّـِرون لدفنه؛ وجدوا في جيبه ورقة؛ كانت ردًا على استفسار عن فتاة  توفيت بـ(أنيميا حادة) في صيف قضى نحبه من عشرين عاما!
تمتموا:
 يبدو أنّه اكتشف سراب حلّم ظلّ يرعاه سنوات عمره؛  فآثر أن يموت معه!!
وفــــــاء
أغسطس  2010
مازال يتذكر جسدها النحيل، ذي المعالم النجديّة وهي تتمايل في مشيتها كغصن البان، وهو بجوار والدته التي سرقت منها الأيام حبيبتيها من فرط حزنها عليه!
  كان رجلا صلبًا.. قاسي الملامح.. يغزو البياض كلّ شعرة في جسده!
اغسطس2000
كان أمام عنفوانها، وشراسة أنوثتها الطاغية، لايملك إلا أنْ يتبسم بشوق يبرق من عينيه!


لم يكن يُجيد من الكلام المدجج بالمشاعر؛ غير الشِّعر الذي كان يسكبه لأجلها وفيها وحسب!

مضت سنوات، وحبها يُشعل فتيل الحياة في جوفه!

يعيش لها على الرّغم من تسلط والدته التي لايطلب في حياته غير رضاها وبرها، والتي بدأت تعزف على وتر موجع كان  يخشاه كل واحد منهما..

- طفل يحمل اسمه-
رغبة والدته الوحيدة، والتي يسيل من بين ثناياها لعاب النوايا السوداء؛ ستكون الضربة القاضية، التي تكسر قلب هذه المتغطرسة!


هكذا كانت والدته تبيّت النوايا، وتنتظر وقع الخبر، على قلب من سرقت من ابنها العقل والقلب!

مضيا في إجراء الفحوصات .

ذات صيف؛ قرر أنْ يسافر وحده؛ كانت المرة الأولى التي يفعلها منذ عشر سنوات .
عاد ..
ومعه ورقة طلاقها!



تَجمُّد

قالت له في لحظة توسل:
-   لا أريد منك غير الإفصاح عن مشاعرك
 هل هذا كثير؟
 الأفعال في نظري تكفى عن الأقوال.


لدي قناعة :" إنّ الحروف تموت حين تُقال"

   ...تعبتْ من الذبول، مع رجل صخري المشاعر!

فرحلتْ تبحث عن تربة خصبة، تنبت فيها مشاعرها من جديد،أما هو فبقي يذر الملح على جرح قلبه المكسور بعد فقدها .كان بوده أن يصرخ :عودي!

ولكن؛ لكثرة أفعاله؛ وقلّة أقواله؛ تجمّدتْ الحروف في جوفه، وما عادت قادرة على الذوبان!













ليست هناك تعليقات: