السيميــائية






السيميــائية

   مسميات:   
هذا العلم قديم حديث؛ قديم في تجاربه, حديث في اصطلاحاته وتنوع مجالاته.

    اهتم به القدامى من عرب وعجم منذ أكثر من ألفي سنة.

        وقد سُمي بأسماء عديدة منها: علم الإشارات ,السميولوجيا , السميوطيقا, علم العلامات , علم الأدلة .

  كل هذه التسميات تعني ذلك العلم الذي يهتم بدراسة حياة العلامات في كنف الحياة الاجتماعية. واللسانيات تعتبر جزء منه؛ لأن السيميائية تدرس العلامة اللغوية, وغير اللغوية ,واللسانيات تدرس العلامة اللغوية فقط.

يرى بعض الباحثين أن السيميولوجيا, والسميو طيقيا  لفظان مترادفان, والبعض يرى أن السيمو لوجيا تختص بالتصور النظري وهي بذلك لفظة عامة, أما السيمو طيقيا تعني الجانب الإجرائي التحليلي, وهي بذلك منهج تطبيقي.

النشأة:

  اختلف كثير من الباحثين في الأصل الذي تولدت منه هذه اللفظة , فمن منتصر للنشأة العربية, وآخر للنشأة الغربية؛فالذين انتصروا للأصل العربي ربطوا نشأتها بالدراسات  التي بدأت عند الفارابي والحاتمي، وابن سينا، ، والبوني، وابن خلدون، والغزالي، والجرجاني، والقرطاجني، وغيرهم.

والذين رأوا  أن نشأتها غير عربية ربطوها بالدراسات التي بدأت عند أفلاطون عندما أكد أن للأشياء جوهرًا ثابتًا، وأن الكلمة أداة للتوصيل، وبذلك يكون بين الكلمة ومعناها، أي: بين الدال والمدلول تلاؤم طبيعي .

إن دراسات نظام العلامات في التراث العربي دراسة قديمة قدم الدرس اللساني، إلا أن الأفكار والتأملات السيميائية التي وصلت ظلت في إطار التجربة الذاتية، ولم تتجسد في إطار التجربة العلمية الموضوعية. أما الدراسات السيميائية الحديثة فقد تشعبت في مجالات عديدة وحضارات مختلفة، بحيث لم تبق حكراً على أمة دون أمة، وثقافة دون أخرى.

تقول العرب:الخيل المسومة, أي: التي عليها السيما والسومةُ، وهي العلامةُ فالسِّيمَاء والسِّيمِيَاء المقصود بها العلامة، أو الرمز الدال على مقصود كما في قوله تعالى: ((سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ)) (الفتح: 29) وقوله عزّ من قائل: ((تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ)) (البقرة: 273)

وقول أسيد:

غلام رماه الله بالحسـن يافعـاً
له سـيمياء لا تشـقّ على البَصَـرْ

 اصطلاحا:

هي " دراسة حياة العلامات داخل الحياة الاجتماعية فهي تدرس بنية الإشارات وعلائقها في هذا الكون , وتوزيعها ووظائفها الداخلية والخارجية لذلك هي  تشمل العلوم الإنسانية (كالأدب ) والعلوم التطبيقية كالرياضيات.




حقيقتها:

تكمن حقيقة السيميائية في كونها كشف عن علاقة دلالية غير مرئية من خلال التجلي المباشر للواقعة ، فهي تدريب للعين على التقاط الضمني والمتواري .

هي منهج علمي نقدي يختلف عن المناهج الانطباعية والتأملية؛ بدأ كمنهج فلسفي على  يد الفيلسوف ( جيم لوك ) ثم جاء عالم اللغة ( دوسوسير)وأصل  فيه تعريفه له بأنه علم العلامات.

مولد السيمائية كعلم حديث:

يقال: إن دوسوسير هو أول من بشر بميلاد هذا العلم سنة 1916 حين قال:"اللغة نظام من العلامات التي تعبر عن الأفكار"

الفرق بين الفلسفة والسيميائة:
الفلسفة تهدف من خلال الانطلاق من جوهر الأشياء إلى الوصول لحل لغز الوجود
بينما السيميائية تنطلق من شكل الأشياء في فهم الإنسان بهدف الوصول إلى وصف الوجود.

السيمياء العامة:
   اتسعت السيمياء العامة وتعددت اتجاهاتها وفروعها، ولم يعد تحديدها أو حصرها أمرا هينا. فقد تداخلت مع مختلف العلوم والمعارف حتى لكأنها ذابت وانمحت داخل هذه العلوم، أو لكأن هذه العلوم ذابت داخل السيمياء.

 ومما لا شك فيه  أن هذا الأمر جعل السيمياء في وضع خاص تثار حولها التساؤلات: هل هي علم من بين العلـوم، أم هي علم لهذه العلوم، أم هي منهاجية عامة مشترَكة داخـل كل هذه العلوم؟

 لقد أصبح الحديث عن السيمياء العامة عسيرا، لأنها تجاوزت كل الإطارات والمعايير العلمية التي تُرسَم للعلوم عادة. ولذلك فإن السيمياء العامة ليست معطى جاهزا وواضحا يمكن أن ننطلق منه للحديث عن سيمياء الأدب أو عن النقد السيميائي أو عن إي فرع سيميائي آخر؛ بل هي على العكس من ذلك تحتاج أولا إلى معالجة خاصة تبحث في أسسها العامة واتجاهاتها المختلفة، حتى يتيسر ضبط وحدتها داخل تعددها ورسم معالمها داخل امتداداتها؛ وهذه مهمة ضرورية تفرض نفسها على الباحثين قبل أي حديث عن الفروع أو المباحث الأدبية داخل السيمياء.

المنهج النقدي :
المنهج السيميائي قائم على الإحاطة بالمادة التجريبية ( النص الأدبي ) من نواحي عدة كاللغة والصوت واللون والشكل وكل ما كان علامة لمعنى وحتى نصل  إلى استخلاص جيد لمحتوى النص الأدبي يجب أن يكون المنهج السيميائي على مستوى من التجرد بحيث لاتمنعه اللغة من الوصول إلى معنى النص العميق الذي يحتاج تفسيره إلى تفسير كل جزئياته السيميائية وربطها ببعضها ثم الوصول إلى شكل نهائي يصف النص الأدبي, وهذه النتيجة لاتحققها المناهج التأملية أو حتى الانطباعية.
إنّ المنهج السيميائي يحلل النص الأدبي من خلال خصائصه و يربطه بالأنظمة السيميائية خارج النص كالمحيط الذي نشأ من خلاله.

 إنه منهج  (مطاطي)قد يتسع ليشمل الثقافة البشرية أو يضيق ليشمل حيز الذات البشرية فقط.
في السيميائيةلا يركن  المحلل إلى تفسير النص بلغته الظاهرة  بل يركن إلى التحليل العميق للنص الأدبي
بل ويتجاوز ذلك بتفسيره للمعنى الذي خلف اللغة من خلال دلالة العلامات التي يحتويها النص كاللون و الحركة و الإيقاع والصوت آلخ. تجدر الإشارة إلى أن المنهج السيميائي منهج متزن ؛ فهو لا ينظر إلى النص نظرة جافة, ولا يعتمد على انطباعية القراءة وإنما يعتمد على إيجاد الأدلة على المعاني.

أسهمت السيمائية  في توضيح الهدف الأعلى من النقد وارتقت بالأسئلة من التقليدية للحداثة من  ماهو الأدب إلى كيف هو الأدب وكيف يعني ما يعنيه وما الذي يجعله دالا وحتى عندما يتعلق الأمر بدراسة الأبعاد الاجتماعية أو النفسية أو الموضوعاتية، فإن ذلك يتم من منظور مغاير تَحْكُمه الرؤية النصية اللغوية.
لقد أحدثت المقاربة السيميائية تحولات كبرى في الاتجاهات التي عرفها النقد الحديث: فالنقد البلاغي سرعان ما تحول إلى نقد بنيوي سيميائي. وتحول كل من النقد الاجتماعي والنقد النفسي إلى نقد سوسيو نصي ونقد سيكونصي. أما النقد الموضوعاتي فقد صار نقدا سيميائيا تأويليا.

عناصر المنهج السيميائي :

يرى بعض الباحثين أن عناصر المنهج السيميائي ثلاثة هي:

v  العنصر البنيوي اللغوي : وهو الذي يرتبط ببنية النص ولغته.

v  العنصر الفني الجمالي : وهو الذي يرتبط بما يحتوي عليه النص من إبداع فني في تكوين الشكل.

v  العنصر النفعي الدلالي :وهو الذي يرتبط بالمؤلف وبيئته والتناص مع النصوص الأخرى.

السيميائية والأدب:

  يعزو الدكتور عبدالواحد المرابط  تشكل سيمياء الأدب إلى إدخال النماذج اللسانيةوالسيميائية عموما في مجال الدراسة الأدبية وهي وفق ذلك ترتهن بعلاقتين علاقتهابالسيماء العامة من جهة, وعلاقتها بحركية النقد الأدبي المعاصر من جهة أخرى.

بدأت معالم سيمياء الأدب تتضح بظهور دراسات الشكلانيين الروس وحلقة براغ اللسانية وبعض تصورات أصحاب النقد الجديدبإنجلترا وأمريكا، وأيضا بعض تصورات النقاد المورفولوجيين الألمان، وصولا إلى النظريات البنيوية والسوسيولوجيا النصية والسيكولوجيا النصية ونظريات التلقي والتأويل. وبذلك راكمت السيمياء الأدبية تاريخا معرفيا خصبا وزخما من المفاهيم والتصورات والنظريات والاتجاهات والمسارات المنهجية.
ورغم اختلاف هذه المسارات المنهجية داخل سيمياء الأدب، فهي جميعها تنطلق من المادة اللغوية للنصوص الأدبية، إذ تعتبر النص نسقا من العلامات اللسانية ولذلك فهي تمد الجسور بين الدرس الأدبي والدرس اللساني، على اعتبار أن الأدب استعمال نوعي للغة.

هناك نوع من التداخل والتشابك بين التصورات والنظريات والمناهج المختلفة، وهذا ما يجعل صورة  سيمياء الأدب غائمة لدى بعض الدارسين ومرتبكة لدى البعض الآخر. فكثير من الاتجاهات التنظيرية والمنهجية قد تُعتبَر خارجةً عن سيمياء الأدب، مثل الاتجاه البنيوي أو الاتجاه التفكيكي أو جمالية التلقي؛ فهذه الاتجاهات تمثل تنويعات داخل هذه السيمياء، لأنها جميعها تنطلق من الطبيعة اللغوية للنصوص وترتبط باللسانيات.

 كذلك السيمياء الأدبية موزعة في مباحث عديدة منها الأسلوبيةوالبلاغة الجديدةولسانيات النـص الشعريةوتداولية النص والخطابيةوعلم الكتابة والسيميوطيقا السردية وهذا غالبا ما يؤدِّي إلى نظرة جزئية تحول دون رسم الصورة العامة والشاملة لهذه السيمياء.
ويرى بعض الباحثين أنه مما يزيد الأمر تعقيداً ارتباطُ سيمياء الأدب بتطور اتجاهات النقد الأدبي الحديث وحركته. فالبعض يرى أنها فرع من السيمياء العامة والبعض يراها استمرارا وتطورا لاتجاهات النقد الحديث, والحقيقة أن الأمر هنايتعلق بمنظورين مختلفين، لكل منهما منطلقاته ونتائجه؛ بيد أنهما إذا تكاملا وتراكبا قد يُفْضِِيان إلى فهم السيمياء الأدبية فهما نسقيا منظَّما.
يرى بعض الباحثين أنه لابد من محاولة رسم صورة شاملة ودقيقة للمسارات المنهجية السيميائية في مجال النقد الأدبي، وهي الصورة التي من شأنها أن تقدم فهما أعمق لخصوصيات النقد المعاصر

النص السيميائي"

اللغة الشعرية السيميائية لا تنقل العالم بحرفيته , بل تسهم في إعادة صياغة الحياة وشكلها , أي أنها لغة نافرة من المألوف والعادي , فالنص السيميائي بحاجة إلى التأويل وإعادة التأويل "
 "
الشاعرية نهج في طريقة رؤية العالم واختراق قشرته إلى لباب المتناقضات الحادة التي تنسج نفسها في لحمته وسداه , وتمنح الوجود الانساني الطبيعة الضدية العميقة , مأساة الولادة .. وبهجة الموت "

إنّ التحليل السيميائي للنصوص الأدبية يقصد به دراسة النص من جميع جوانبه دراسة سيميائية تغوص في أعماقه, وتستكشف مدلولاته المحتملة ، مع محاولة ربط النص بالواقع ، وما يمكن الاستفادة وأخذ العبر منه, من هنا جاء الاهتمام في النص الأدبي بسيميائية العنوان والغلاف والإهداء, والأسماء, و الملامح الداخلية والخارجية للشخصيات, و الزمان والمكان والعلاقة بينهما, وسيميائية الصور.

السيمياء الأدبية تدرس الأدب باعتباره استعمالا نوعيا للغة، ومن خلال ذلك تبحث في بنياته الشكلية أو في أنساقه الدلالية أو في آلياته التأويلية، وذلك بحسب تنوع المسارات المنهجية لهذه السيمياء؛ وهذا الأمر هو ما جعلها شديدة القرب من اللسانيات

السيميائية السردية:

تعتبر السيميائية السردية جزءًا من سيميائية النصوص, وإن كانت تفيض عن النص بمعناه الاصطلاحي؛ لأن السرد ليس جنسا من أجناس الأدب, وإنما هو نمط من أنماط الخطاب يمكن أن يتجلى من خلال أنساق علامات لغوية وغير لغوية.


نظرية قريماس في النص السردي:

يرى قريماس وفق هذه النظرية أن التحليل ينبغي أن يراعي في كل نص مستويان:

الأول: مستوى السطح وهو يتفرع إلى:

المقوم السردي

المقوم الخطابي

ثانيا: مستوى العمق وأطلق عليه( البنى العميقة) ويقوم التحليل فيه على استجلاء عناصر ثلاثة هي:

الوحدات الدنيا للدلالة

التشاكلات

البنية الأولية للدلالة .

وقد اطلق عليها قريماس (المربع السيميائي)

الفائدة من دراسة السيميائية في النقد:

تسهم دراسة السيميائية في فتح آفاق جديدة في تنمية الحس النقدي بصورة تجعله ينظر إلى الظاهرة الأدبية بعمق

كتب  تفيد الباحثين في الموضوع

-       ماهي السيميو لوجيا-برنارتوسان-ترجمة: محمد نظيف- أفريقياء الشرق

-       سيميائية التواصل والتفاهم في التراث العربي القديم-عبدالفتاح الحموز-دار جرير

-       السيميائيات والتأويل-سعيد بنكراد-المركز الثقافي العربي

-       السيمياء العامة وسيمياء الأدب-عبدالواحد المرابط-منشورات الاختلاف

-       تيارات في السيمياء- عادل فاخوري- دار الطليعة

-       سيمولوجية الشخصيات-سعيد بنكراد-جدلاوي

-       السيميائيات السردية- سعيد بنكراد- منشورات الزمن

-       معجم السيميائيات-فيصل الأحمر- منشورات الاختلاف

-       سيميائية الشخصيات في القاهرة الجديدة لنجيب محفوظ-جهاد العرجا- الجامعة الإسلامية بغزة.


-       معرفة الآخر، مدخل إلى المناهج النقدية الحديثة-عبد الله إبراهيم، سعيد الغانمي وعلي عواد-المركز الثقافي العربي.

-       بعض كتابات المتخصصين على النت (متاحة على الشبكة)

جمع وإعداد :د. زكيّة بنت محمد العتيبي

هناك 3 تعليقات:

Unknown يقول...

جعلك الله ذخرا للعلم بوركت يا نبع الضياء
ليس الشكر للنور بقدر الشكر لمشعله

ahmadraslane يقول...

جزاكِ الله خيراً دكتورة على هذه الومضة

غير معرف يقول...

شرح جميل ومبسّط مع عناوين موضِّحة وشارِحة.. بوركتِ وبوركت جهودك..